مقدمة عن الحياة النيابية في مصر
مصر من أقدم الدول اللي عرفت فكرة التمثيل النيابي والحياة البرلمانية، التجربة بدأت من أكتر من قرن ونص تقريبًا، ومن يومها والمجالس النيابية جزء من شكل الدولة الحديثة، وجود مجلس يضم نواب منتخبين من الشعب بقى علامة من علامات التطور السياسي، حتى لو مرّت التجربة بمطبات كتير، لكن برضه فضلت مستمرة.
الحياة النيابية في مصر مش مجرد شكل أو إجراء دستوري، لكنها انعكاس لحالة المجتمع وتطوره، كل مجلس نيابي جه كان بيعبر عن مرحلة معينة، سواء كانت مرحلة استقرار أو مرحلة اضطراب، ومن هنا جه دور مجلس الشعب ومجلس الشورى، ومعاهم قانون مباشرة الحقوق السياسية اللي بيحدد قواعد اللعبة كلها.
مجلس الشعب وتطوره التاريخي
مجلس الشعب هو الامتداد الطبيعي لتجارب نيابية أقدم، من أيام الخديوي إسماعيل كان في مجالس لها دور استشاري، لكن الصورة الحديثة لمجلس الشعب ظهرت بعد ثورة يوليو وتطورت عبر الدساتير المختلفة.
من البداية كان الهدف الأساسي من وجود المجلس إنه يكون صوت الناس، مكان يتنقش فيه التشريعات وتترجم فيه مطالب المواطنين لقوانين على أرض الواقع، وبالرغم من إن المجلس أحيانًا كان بيتعرض لانتقادات بسبب هيمنة السلطة التنفيذية أو سيطرة حزب واحد، إلا إنه فضّل ساحة أساسية للحياة السياسية.
في السبعينات ومع دستور 1971 اتسمى "مجلس الشعب"، وأخد صلاحيات واسعة في التشريع والرقابة، وظل محتفظ بالاسم ده لحد ما اتغير بعد دستور 2014 وبقى "مجلس النواب"، لكن الجوهر هو هو: مؤسسة منتخبة تمثل الشعب.
دور مجلس الشعب في التشريع والرقابة
التشريع هو الدور الأبرز لمجلس الشعب، القوانين اللي بتنظم حياة المصريين كلها تقريبًا مرت من خلاله، قوانين العمل، قوانين الأحوال الشخصية، قوانين الإعلام، كلها اتعرضت على المجلس، والمناقشات اللي كانت بتحصل ساعات كانت بتستمر بالساعات أو الأيام.
الرقابة على الحكومة برضه جزء أساسي من دوره، من خلال الاستجوابات وطلبات الإحاطة ومناقشة البيانات الحكومية، كان ممكن نائب بسيط يفتح قضية كبيرة تخص وزارة أو مسؤول، صحيح ساعات الرقابة ما كانتش بتوصل لنتائج ملموسة بسبب توازنات السياسة، لكن وجودها في حد ذاته كان مهم.
مجلس الشورى ونشأته وأهدافه
مجلس الشورى اتأسس سنة 1980 بقرار من الرئيس أنور السادات، وده كان في وقت مصر داخلة على مرحلة جديدة بعد معاهدة السلام، الهدف الرسمي من تأسيس المجلس إنه يكون غرفة تانية بجانب مجلس الشعب تساعد في عملية التشريع وتدي بعد استشاري أوسع.
الفكرة وقتها كانت مستوحاة من تجارب برلمانية عالمية عندها غرفتين: مجلس نواب ومجلس شيوخ، علشان كده اتعمل "مجلس الشورى"، ورغم إن صلاحياته في البداية كانت محدودة، لكنه بمرور الوقت اتوسع شوية وبقى يراجع مشروعات القوانين المهمة قبل ما تتطبق.
الجدل حول أهمية مجلس الشورى
من يوم ما اتعمل مجلس الشورى والجدل ما وقفش، في ناس شايفاه مجرد مجلس "ديكور" لا يقدم ولا يؤخر، وبيكلف الدولة ميزانية من غير مردود حقيقي، وناس تانية بتقول لأ، وجوده مهم لأنه بيضيف خبرة ورؤية مختلفة للعملية التشريعية.
الجدل زاد بعد 2011، وقتها بقى فيه كلام عن إلغاء المجلس، وفعلاً في دستور 2014 اتغير اسمه وبقى "مجلس الشيوخ"، ورجع بفكرة جديدة، لكن النقاش فضل مستمر: هل مصر محتاجة غرفة تانية في البرلمان ولا غرفة واحدة كفاية.
قانون مباشرة الحقوق السياسية وأهميته
القانون ده يعتبر العمود الفقري للحياة الانتخابية، من غيره العملية كلها ما تمشيش، لأنه هو اللي بيحدد مين ليه حق الانتخاب ومين لأ، إزاي المواطن يدخل الجداول الانتخابية، وإزاي يترشح، وإزاي يتم الطعن على النتائج.
قانون مباشرة الحقوق السياسية كمان بيحدد العقوبات على أي حد يتلاعب بالانتخابات أو يمنع مواطن من حقه، وده معناه إنه مش مجرد قانون إداري لكنه ضمانة لحق دستوري أصيل، وهو حق المشاركة السياسية.
تطورات القانون عبر العقود
من أول ما اتعمل القانون وهو بيتغير مع كل مرحلة سياسية، في فترات كان بيوسّع قاعدة المشاركة، زي ما حصل بعد ثورة يناير لما بقى فيه إشراف قضائي كامل على الانتخابات، وفي فترات تانية كان بيتعدل بطريقة تخلي المشاركة أضيق، زي اشتراطات معقدة للترشح أو قيود على الحملات الانتخابية.
كل تعديل كان انعكاس للمرحلة اللي بتمر بيها الدولة، أوقات الديمقراطية تزيد شوية فيتعدل القانون في اتجاه أوسع، وأوقات الاستقرار السياسي يبقى الأولوية فيتعدل القانون علشان يحقق ده حتى لو على حساب الحرية السياسية.
التغيرات بعد ثورة يناير 2011
الثورة غيرت كل حاجة، فجأة بقى في مطلب شعبي قوي للشفافية والعدالة، مجلس الشعب اتغير نظام انتخابه أكتر من مرة، مرة بالقوائم النسبية، ومرة بالفردي، وأحيانًا بمزيج بينهم.
مجلس الشورى كمان أخد دور أكبر لفترة قصيرة، خصوصًا بعد ما اتولى مسؤولية التشريع لما كان مجلس الشعب محلول، أما قانون مباشرة الحقوق السياسية فاتعدل أكتر من مرة علشان يستجيب لمطالب الشارع، زي العزل السياسي لبعض الرموز، أو الإشراف القضائي على اللجان.
مجالس ما بعد 2014 وإعادة الصياغة
بعد دستور 2014، الأمور اختلفت، مجلس الشعب اتغير اسمه وبقى مجلس النواب، ومجلس الشورى اتلغى لفترة وبعدين رجع بمسمى مجلس الشيوخ، القوانين اتعمل لها إعادة صياغة بحيث تبقى مناسبة للوضع الجديد.
دلوقتي البرلمان المصري بغرفتيه بقى عنده صلاحيات أوسع في التشريع، وفي نفس الوقت القانون المنظم للانتخابات بيحاول يوازن بين تمثيل فئات المجتمع وضمان الاستقرار.
البعد الاجتماعي والسياسي للقوانين
القوانين دي مش بس نصوص قانونية لكنها بتأثر على حياة المجتمع بشكل مباشر، تمثيل المرأة مثلًا في المجالس كان نتيجة نصوص واضحة في القوانين، نفس الشيء بالنسبة للشباب أو العمال والفلاحين، القوانين دي هي اللي حددت شكل التمثيل وأثرت في صورة الحياة السياسية.
كمان صورة مصر قدام العالم اتأثرت بيها، لأن أي دولة برة لما تبص على القوانين دي بتعتبرها مؤشر لمدى الديمقراطية والشفافية في البلد، وبالتالي أي تعديل في قانون الانتخابات أو صلاحيات البرلمان كان له أبعاد داخلية وخارجية.
رؤى نقدية وجدالات مستمرة
الجدل لسه مستمر لحد النهارده، في اللي شايف إن نظام الفردي أفضل لأنه بيخلي النائب قريب من دائرته، وفي اللي شايف إن القوائم أقوى لأنها بتدي فرصة للأحزاب، نفس الجدل شغال حوالين وجود مجلس الشيوخ، هل هو ضروري فعلًا ولا تكلفته أكبر من فايدته.
لكن مهما كان الخلاف، تظل القوانين دي أساسية، ومن غيرها مفيش حياة سياسية منظمة، والتجربة المصرية هتفضل تتطور وتعيد تشكيل نفسها من خلال تعديلات القوانين دي.
الخاتمة
قوانين مجلسي الشعب والشورى وقانون مباشرة الحقوق السياسية مش مجرد تشريعات، لكنها مرآة لتاريخ مصر السياسي، كل مرحلة في تاريخ البلد انعكست جوه القوانين دي، وكل تعديل كان بيسيب أثر طويل المدى.
النهارده بعد مرور عقود من التجربة، بقى واضح إن القوانين دي جزء لا يتجزأ من الهوية السياسية المصرية، حتى لو فضل الجدل قايم، وحتى لو فضلت التعديلات مستمرة، لأنها ببساطة هي اللي بتنظم علاقة المواطن بالدولة في أهم مجال: المشاركة السياسية وصناعة القرار.